موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٣

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٣

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٩

٥ ـ العز الأبو سحاقي.

٦ ـ العلاء البنبيهي.

٧ ـ العلاء الهروي الحنفي.

٨ ـ الشمس محمد المحولي.

٩ ـ الضياء الطبيب.

١٠ ـ الفخر الشبانكاري.

١١ ـ مولانا زاده (في مصر).

١٢ ـ الجمال ابن الدباغ.

١٣ ـ الجمال ابن الدواليبي.

١٤ ـ النور صالح الأيدجي.

١٥ ـ المجد اللغوي (الفيروز آبادي).

١٦ ـ السيف الأبهري.

١٧ ـ النور علي بن يوسف بن الحسن الزرندي.

وهذه تعين العلماء المعروفين من أساتذة الإجازة العلماء وقال صاحب الضوء : رأيت له كراسة أفرد فيها أسماء شيوخه ... استفدت منها أشياء. (وحاجتنا إليها أكبر) ، ولكن جل انتفاعه إنما كان بوالده ، فإنه لازمه سفرا وحضرا ، وجاب نحو خمسين مدينة ... وعدد تصانيفه ذكر منها شرح البرهان العبري ، والطوالع للبيضاوي ، وشرح الشمس للأصبهاني ، والإيضاح لابن الحاجب ، والحاوي في الفقه ، وشرح العزيز ومفتاح السكاكي ، وشرح العضد ، وشرح المواقف وسماه (الكواشف) ، والجواهر وسماه ب (الزواهر) ، وتحفة المودود لابن القيم سماه (المقصود من تحفة المودود) ، والأوائل لابن حجر ، ومفاخرة القلم والدينار لابن

٨١

ماكولا ، وقرأ عليه الشهاب أحمد بن شيخه الجمال ابن الدواليبي الحنبلي ... وقال عندي من نظمه في الجواهر. هذا وترجم أسرته ... وفي عقود المقريزي تفصيل ترجمته ...

٢ ـ محمد بن طاهر الموصلي :

هو محمد بن طاهر (١) قاضي القضاة الشمس بن يونس الشافعي. برع في الفقه والتفسير وغيرهما ، وعمل تفسيرا في مجلدين ، وولي قضاء الموصل كآبائه من قبله سنين ، وتموّل وفخم ، وحمدت سيرته إلى أن ثار أصبهان بن قرا يوسف وعاث بتلك البلاد ، فلما أخذ الموصل عذبه حتى هلك في العقوبة سنة ٨٣٣ ه‍ ، وخربت الموصل بعده ، ونزح عنها أهلها ، وصارت منزلا للغربان. ذكره المقريزي في عقوده (٢).

وهذه الحادثة لا نجد لها تعرضا إلا في الأنباء على ما سيجيء في حوادث سنة ٨٣٦ ه‍ مما يدل على أن أكثر الحوادث قد أغفلت ... وفقدت الوثائق المشعرة ...

حوادث سنة ٨٣٤ ه‍ ـ ١٤٣٠ م

عودة وتغلب :

كان في سنة ٨٣٢ ه‍ قد انكسر الأمير اسكندر وهرب وفي أوائل السنة المنصرمة رجع شاه رخ إلى خراسان وولى على أذربيجان الميرزا أبا سعيد بن قرا يوسف. فعاد الأمير اسكندر واستعاد أذربيجان وقتل أخاه أبا سعيد.

وميرزا أبو سعيد هذا كان قد ولاه شاه رخ في أوائل سنة ٨٣٣ ه

__________________

(١) بياض كلمة.

(٢) الضوء اللامع ج ٧ ص ٢٧٤.

٨٢

أذربيجان إذ كان قد التجأ إليه هاربا من أخيه اسكندر وكانت مدة ولايته نحو سنة واحدة (١).

خراب وغلاء ووباء :

ومن نتائج هذه الحروب والفتن ولوازمها القطعية الخراب الذي عم البلاد من بغداد إلى تبريز ، والغلاء الذي استولى على الممالك الشرقية ، فقد بيع رطل اللحم بنصف دينار ، وأكل الناس الكلاب والميتات ، وفشا الوباء في العراق والجزيرة وديار بكر ، وهمذان ، وشهرزور وماردين وبلادا كثيرة ... وفي بعض التواريخ كان ذلك في سنة ٨٣٥ ... ويضاف إلى ذلك بلاء آخر وهو الجراد ، فإنه أكل الغلات والزروع (٢) ...

وفيات

١ ـ القاضي تاج الدين أحمد النعماني :

هو أحمد بن محمد بن عمر ... من ذرية الإمام أبي حنيفة النعمان القاضي ببغداد توفي بدمشق ، اعتمده ابن عربشاه في كتابه (عجائب المقدور) لتدوين أخبار بغداد وإن صاحب الدرر الكامنة حقق بعض المطالب عنه وقال : صاحبنا ، رأيته في دمشق ... (٣) ولد في ١١ جمادى الآخرة سنة ٧٥١ ه‍ بالكوفة ، وسمع الحديث ، وبرع في الفنون ، ودرس وأفتى ، وأخذ عنه الأعيان ، وكتب رسالة تشتمل على ١٤ علما ، ونظم أرجوزة في علوم الحديث ، وشرحها ، واختصر شرح البخاري للكرماني ،

__________________

(١) جامع الدول ج ٢.

(٢) عمدة البيان في تصاريف الزمان لياسين العمري ، وأنباء الغمر ج ٢ ، ومجموعة تواريخ التركمان ، والآثار الجلية في الحوادث الأرضية.

(٣) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٠١ ، وتواريخ العراق ج ١ ص ٥٠٢.

٨٣

وولي قضاء بغداد ، فحمدت سيرته ، وامتحن على يد قرا يوسف لكونه يريد إظهار أمر الشرع فقبض عليه وجدع أنفه ، وأخرجه من بغداد ، ففارقها وقدم القاهرة بعد سنة ٨٢٠ ه‍ ، فأكرمه المؤيد ، وأجرى عليه راتبا يكفيه ، ثم رسم له بالتوجه إلى دمشق فما تيسر له إلا بعد استقرار الظاهر ططر ، فأقام بها حتى مات في أول المحرم سنة ٨٣٤ ه‍ (١).

مر الكلام على (جامع النعماني) (٢) ، وترجمة ابنه حميد الدين محمد في وفيات سنة ٨٦٧ ه‍.

حوادث سنة ٨٣٥ ه‍ ـ ١٤٣١ م

الأمير أسپان ـ الحلة : (الجلايرية)

استمر حكم الجلايرية في الحلة من رجب سنة ٨٢٦ ه‍ ، وأن السلطان حسين ابن علاء الدولة تملكها من ١٠ شعبان سنة ٨٢٧ ه‍ ، ودامت حكومته إلى هذه السنة فاستولى عليها الأمير أسپان بعد محاصرة كانت لمرتين ، فضبطها في ٢٦ المحرم سنة ٨٣٥ ه‍ ، وبهذا انقرضت دولة الجلايرية بتمامها ، ولم يبق لها ذكر إلا في بطون التواريخ. كان السلطان حسين سيىء السيرة ، فكاتب أمراؤه أسپان فجاء وحاصر لأول مرة ، فلم يقدر ، ورحل عن البلد ، ثم سار عليه للمرة الثانية ، وحاصره سبعة أشهر ، فأسره في المحرم ، وكان قد سلم إليه بالأمان ، وذلك أن الأمير أسپان بعد أن قبض عليه ، أوعز إلى الموكلين به أن يحسنوا له الهرب ، ويفروا معه جميعا ، فلما هربوا أرسل أسپان وراءهم ، فقبضوا عليه وقتلوه خنقا في ٣ ربيع الأول أو ٣ صفر سنة ٨٣٥ ه‍ على اختلاف في ذلك ، وكان وزيره عبد الكريم ابن نجم الدين من أهل شط النيل

__________________

(١) الضوء اللامع ج ٢. ص ٨٢.

(٢) تاريخ العراق ج ٢.

٨٤

فتوفي ليلة الثلاثاء ١٨ شوال سنة ٨٣٠ ، وولي الوزارة بعده شهاب الدين في ١٦ ربيع الآخر سنة ٨٣٢ ه‍ ، وشنقه السلطان في باب التمغا ، فولي الوزارة بعده أخوه نظام الدين (١). وقد مرت الإشارة إلى الحوادث المذكورة ...

انقراض دولة الجلايرية (٢)

كان يعد انقراض الجلايرية من حين خرجت من بغداد ، وتكلمنا بوقته على بقاياها وفي الوقائع المارة ما يوضح أكثر نظرا لعلاقتها بالعراق ، ومنها نقطع بأن هذه الحكومة جادلت ، وجالدت مدة طويلة لانتزاع الملك المغصوب واستعادته ، فأصابها الخذلان ، ونالتها خيبة فيما قامت به ... ومن الحوادث المارة يتلخص لنا أن سلاطينها :

١ ـ شاه ولد ، حكم بعد السلطان أحمد نحو ستة أشهر.

٢ ـ دوندي. نحو ستة أشهر في بغداد بعد قتلة زوجها.

٣ ـ شاه محمود بالاشتراك مع دوندي من سنة ٨١٤ إلى سنة ٨١٩ ه‍.

٤ ـ دوندي بالاستقلال إلى سنة ٨٢٢ ه‍.

__________________

(١) تاريخ الغياثي ص ٢١٢ والمنهل الصافي ، ومجموعة تواريخ التركمان ، وأحسن التواريخ ، والضوء اللامع.

(٢) عقب المؤلف في ملحق الجزء الرابع بما يلي :

قلت ... إن النصوص فيهم مضطربة ولا شك أن لتنبيه الأستاذ جعفر الحسني المكانة اللائقة كما أشار في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق (ج ١٩ ص ٧٩) ولا تزال الوثائق تدعو للالتفات في اختلاف نصوصها ، ومن أهم ما يصح الرجوع إليه (كتاب أحسن التواريخ) الفارسي ، وعندي منه نسخة مخطوطة ونفيسة جدا. تعرف بهم كثيرا. وربما عدت إلى البحث للعلاقة بإمارة (المنتفق) عند بيان حوادثهم.

٨٥

٥ ـ سلطان أويس إلى سنة ٨٢٧ ه‍ أو ٨٢٩ ه‍ أوبعد ذلك (النصوص مضطربة).

٦ ـ السلطان محمد من التاريخ المذكور على اختلاف في ذلك إلى ١٠ شعبان سنة ٨٢٧ ه‍ أو سنة ٨٢٩ ه‍.

٧ ـ السلطان حسين بن علاء الدولة إلى ٣ صفر أو ٣ ربيع الأول سنة ٨٣٥ ه‍.

والأخير انقرضت دولة الجلايرية على يده ، فانطوى ذكرها ، ولم تعد تعرف قبيلتها ، والظاهر ماعوا في البصرة وخوزستان ، أو انضموا إلى مواطن القوة فاندمجوا في القبائل التركمانية المنبثة ... والملحوظ أن السلطان أويس والسلطان محمد لم تتوضح أيامهما بصورة يقينية ... ومن المعلوم أن السلطان محمدا حكم البصرة وضربت النقود باسمه فيها ...

وقد مر في تاريخ الجلايرية بيان قبيلتهم ومكانتها بين قبائل المغول ... (١) وكانوا في قديم الزمان كثيرين ، ولكل شعبة منهم أمير وقائد يتولى أمورهم ، ويدير أحوالهم. ومن عهد جنكيز إلى هذا الوقت ولي منهم في إيران وتوران أمراء عديدون ، ثم تولوا الحكم ... والتواريخ التي بين أيدينا لا تتعرض إلى فروعهم عند ذكر الحوادث أو بيان الوقائع الخاصة ... دون تاريخ السلاطين منهم فحسب .. وقد ذكر صاحب جامع التواريخ مكانتهم القديمة قبل جنكيز ، والأمراء منهم في أيامه وأيام أخلافه وعدد أسماءهم ... وبين أن لهم عشر شعب وهي :

١ ـ جأت.

٢ ـ توقراؤن.

__________________

(١) تاريخ العراق ج ٢.

٨٦

٣ ـ قنكشفات.

٤ ـ كومسات.

٥ ـ اويات.

٦ ـ ينقان.

٧ ـ نوركيا.

٨ ـ قولاتكيقت.

٩ ـ نوزني.

١٠ ـ شنقكون (١).

وهؤلاء نحتفظ بأسمائهم لعل هناك من يعلم عن هذه القبائل ويعين مكانها بين القبائل المنتشرة في إيران ، أو الأناضول ... إذ لم يعد لها ذكر عندنا ...

حوادث سنة ٨٣٦ ه‍ ـ ١٤٣٢ م

الاستيلاء على بغداد :

كان الأمير أسپان قد اكتسح كافة أنحاء بغداد ، ثم توجه إلى الحلة فضبطها ومنها انحدر إلى واسط موهما أنه متوجه إلى الجزائر ... فمال خفية من واسط إلى النعمانية ومنها إلى سلمان الفارسي ، ثم كمن في دخلة السهروردي ، وعمل السلالم ، وجاء في نصف الليل إلى سور بغداد يوم الخميس ١٨ شعبان سنة ٨٣٦ ه‍ فوضع هو ومن معه السلالم على سور باب الحلبة (٢) «باب الطلسم» وأخذوا البلد ، وجاؤوا إلى بيت شاه

__________________

(١) جامع التواريخ نسخة استانبول.

(٢) ذهبت آثارها وامحت في ليلة احتلال بغداد على يد الإنجليز ، ولم تعرف تعرف ... إلا أن تصاويرها باقية.

٨٧

محمد فوجدوه مغلقا ، فضربوا الباب بالدبابيس وكسروه فهرب شاه محمد ونزل في سفينة ومضى إلى الجانب الغربي ، وتوجه راجلا إلى مشهد الإمام موسى الكاظم وصحبه ولده شاه بوداق ومحمود الحمال ، وكان السيد الجوسقي في المشهد فأعطاه حمارا ركبوه إلى الدجيل ، ومن هناك توجه إلى الحديثة فتلقاه حاكمها حارث بالإعزاز والتكريم ، وقدم إليه الخيول الكثيرة ، واجتمع إليه جماعة ، فذهبوا إلى الموصل ، وأن الأمير أسپان تحرى عنه كثيرا في بغداد ، فلم يظفر به ...

أما جماعة أسپان فقد كسروا الباب ودخلوا فلم يجدوا أحدا ففتشوا جميع البيوت والغرف فما عثروا عليه ، وأسپان هذا لم ينهب البلد وإنما اكتفى بالاستيلاء على أموال الشاه محمد ، وأخذ ما تمكن على أخذه من ملازميه ومباشريه كلّا على قدره ، وتوطن بغداد (١) ...

وقال في الأنباء : «اخرب أصبهان (أسپان) بن قرا يوسف بغداد ، وتشتت أهلها منها ، وقبل ذلك كان قد أخرب الموصل» ا ه (٢).

وفيات

١ ـ ابن الحلال البغدادي :

في جمادى الآخرة من هذه السنة توفي العلامة عبد الرحمن بن محمد الزين بن العلامة سعد الدين القزويني ، الجزري (نسبة إلى جزيرة ابن عمر) البغدادي الشافعي ، ابن أخت نظام الدين الشافعي عالم بغداد ، ويعرف ب (الحلال) لحل أبيه المشكلات التي اقترحها العضد عليه ، ولد سنة ٧٧٣ ه‍ وأخذ عن أبيه وغيره ببغداد وغيرها ، وتفقه بخاله قاضي

__________________

(١) الغياثي ص ٢٨٠.

(٢) أنباء الغمر. راجع ترجمة محمد بن طاهر الموصلي ص ٧٩.

٨٨

بغداد النظام محمود السديداني ودرس بالجزيرة ، وبرع في الفقه والقراءات والتفسير ، وحج. قدم حلب وهو في سن الكهولة ، وظهرت فضائله ، ودخل القاهرة سنة ٨٣٤ ه‍ ... وكان إماما ، علامة ، مفننا ، مفتيا ... وكان يعده بعضهم من أئمة الدنيا في المعقولات وحل المشكلات ... وكان يرجح على العلاء البخاري ... وذكره المقريزي. صنف في القراءات ، وشرح الطوالع ، ومات بجزيرة ابن عمر ونعته معاصروه بالعلم الجم والسيرة الجميلة (١) ...

٢ ـ وفاة طبيب نصراني :

توفي طبيب نصراني اسمه عبد المسيح ، (طبيب الشاه محمد) مات من لسعة زنبور ، وقد استغرب الغياثي وفاته من هذه اللسعة ، ولم يتمكن من إسعاف نفسه ... وكانت وفاته في المحرم سنة ٨٣٦ ه‍ ولم يعرفنا بمكانة علمه ودرجة فهمه في القضايا الطبية ... إلا أنه أيام شاه محمد كان له النفوذ الكبير في الإدارة والتدخلات في سياسة المملكة (٢) ...

٣ ـ إبراهيم الشيرازي :

وهو ابن محمد بن مبارز الخنجي الشيرازي الشافعي المحدث ... أخذ عن علماء بلده ، وفي بغداد من الشمس الكرماني ، وغياث الدين العاقولي ، ولقي ببغداد الجمال العاقولي ، وعبد الرحمن الأسفرايني. رفيقا للزين الخافي ... مات بشيراز يوم الجمعة ١٦ جمادى الأولى سنة ٨٣٦ وقيل ٨٣٥ ه‍ وهو من الواردين إلى بغداد والآخذين عن علمائها (٣) ...

__________________

(١) الضوء اللامع ج ٤ ص ١٥٤.

(٢) تاريخ الغياثي والمنهل الصافي.

(٣) الضوء اللامع ج ١ ص ١٥٧.

٨٩

حوادث سنة ٨٣٧ ه‍ ـ ١٤٣٣ م

الأمير اسكندر ـ ميرزا شاه رخ : (قتلة اسكندر)

في هذه السنة أغاز الأمير اسكندر على شروان ، وأكثر القتل والنهب والتخريب فيها ، فاستغاث صاحبها بميرزا شاه رخ فتوجه إليه في ربيع الآخر سنة ٨٣٨ ه‍. ولما وصل إلى الري لحق به ميرزا جهان شاه بن قرا يوسف ومعه ابن أخيه ميرزا علي بن شاه محمد بن قرا يوسف والأمير بايزيد ايغلو (أوغلو) من كبار أمراء قراقوينلو فأكرمهم شاه رخ وبالغ في احترامهم ، وكان لحوقهم في منتصف ذي الحجة سنة ٨٣٨ ه‍ ، فتوجه شاه رخ إلى أذربيجان ، فلم يقابله الأمير اسكندر إذ كان قد عرف عجزه ففر إلى أرزنجان ، فأخذ قرا عثمان البايندري طريقه في حدود أرزن الروم فقاتله اسكندر وظفر به فقتله وكان ذلك في سنة ٨٣٩ ه‍ فسخر شاه رخ أذربيجان فولاها لميرزا جهان شاه وفوض إليه حكومة تلك الديار إلى حدود الروم والشام. ولما عاد شاه رخ إلى خراسان في أوائل سنة ٨٤٠ ه‍ عاد اسكندر من الروم وقاتل أخاه جهان شاه بقرب صوفيان تبريز فانكسر اسكندر فهرب إلى قلعة النجق وتحصن بها ، وحاصره أخوه وفي أثناء ذلك قتله ولده شاه قباد ليلة الأحد ٢٥ شوال سنة ٨٤١ ه‍. وسببه أن ابنه هذا قد عشق إحدى حظيات والده اسمها (ليلى) فحركته على ذلك فارتكب فعلته هذه من أجلها ، ثم ظفر به عمه جهان شاه فقتله قصاصا ، وكانت مدة ملك الأمير اسكندر بما فيها من أيام التزلزل والاضطراب ١٦ سنة (١).

شاه محمد ـ قتلته :

لما أن سار شاه محمد من حديثة وذهب إلى الموصل ، حكم بها ،

__________________

(١) جامع الدول ج ٢ والأنباء ج ٢ ، ومجموعة تواريخ التركمان.

٩٠

وضبط إربل أيضا فجعل حارثا حاكم الموصل ، كما أنه فوض إربل إلى ابنه ميرزا علي ، ونصب عليا الأتابك على كركوك وداقوق (دقوقا) ، واختار محمودا الجمال للإمارة ، ومنحه كمر سيف مذهب ... وقبض في هذه البلاد على أعوان الأمير أسپان ...

ثم إن أسپان مرض ببغداد فخرج إلى مصيف قرا حسن ليلة السبت ٢٥ شوال سنة ٨٣٦ ه‍ (كذا) ، وأخذ كركوك ودقوقا (١) ، وقتل عليا الأتابك. وبعدها توجه من هناك إلى الإيوان (فوق البندنيجين بيومين) وأقام هناك مدة ثلاثة أشهر حتى شفي ، وكان قد أناب عنه في بغداد سعاد تيار فعقد جماعة معه هناك أنه متى توفي أسپان سلطنوه ببغداد فسمع أسپان بذلك فأرسل مزيدا حاكما ببغداد ، وعزل سعاد تيار ، فلما شفي من مرضه توجه إلى بغداد ومكث فيها مدة ...

وحينئذ عزم شاه محمد على أخذ بغداد ، سار إليها بقصد افتتاحها ووصل إلى كركوك ودقوقا ، فاستولى عليهما ، وولى بدقوقا حسن أتاج إيلي وتوجه إلى بعقوبة وطريق خراسان ، فأمر بنهبها ، ونهب ألوية (أنحاء بغداد) ، وخرب ما مر عليه فوقع في جيشه الغلاء ، فرحل عنها ، ونزل على درتنك (حلوان) ، ليأكل غلتها فحاصرها ... ولو كان سار إلى الأمير أسپان حينما أصابه المرض ، وذهب توا إلى بغداد لكان له الأمل في أخذها ... ولكن سبق السيف العذل ...!

فلما علم أسپان بما جرى مشى عليه ، فلم يظفر به ، ورجع إلى بغداد. أما شاه محمد فإنه توجه إلى شيخان. وذلك أنه في هذه الحالة رعى درتنك ، وترك جيشه هناك ، وصعد يحاصرها من ناحية الجبل فخرج أسپان بعسكره من بغداد يريد ملاقاته ، فأرسل وراءه علي شاه ،

__________________

(١) تعرف اليوم ب (طاووق).

٩١

فلم يستطع اللحاق به ورحل شاه محمد من درتنك إلى جغاي ، وكاوان قاصدا شيكان (شيخان) فأرسل أهل البلد قراولة (١) نحو أربعين فالتقى هؤلاء بالشاه محمد وأصحابه ، وكانوا بغير لبوس ، فتصادموا ، فقتل شاه محمد وأصحابه بأجمعهم يوم السبت ١٨ ذي الحجة سنة ٨٣٧ ه‍ ، فلم يعلم هؤلاء أن هذا الشاه محمد وأصحابه ، فلما تحققوا ذلك ندموا على قتله ، ودفنوا جثته ب (شيخان) ، وبعثوا برأسه إلى شاه رخ (٢) ...

وفي جامع الدول : «سار شاه محمد هذا هاربا من الأمير أسپان إلى الموصل فسخرها واستولى على إربل ، ثم توجه إلى صوب بغداد ، وأغار على بعقوبة من أعمالها ثم سار إلى درتنك ، وقصد شيخان ، فظفر به الأمير حاجي الهمذاني في حدود شيخان وقتله ...» ا ه.

ومثله في منتخب التواريخ. وفي لب التواريخ ورد سنجان بدل شيخان وكذا جاء شيكان والصواب شيخان بلد لا يزال معروفا في أنحاء خانقين وجاء في الضوء اللامع أنه مات مقتولا في ذي الحجة سنة ٨٣٧ ه‍ على حصن يقال له (شنكان) من بلاد شاه رخ ، وكان شر ملوك زمانه فسقا وإبطالا للشرائع ، واستقر بعده أمير زاده على ابن أخي قرا يوسف ، وطول المقريزي ترجمته في عقوده (٣) ...

ترجمته (أيام ولايته في بغداد):

في ما مضى من الحوادث بيان لأيام ولايته على بغداد ، فقد

__________________

(١) مفردها قراوول ، وقراغول وهم مستحفظو الطرق على ما جاء في مختصر الدول لابن العبري ص ٤٣٣ وشيوع بعض القبائل باسم القراغول ناشىء من محافظتهم على الطرق فلزمهم هذا الاسم والترك إلى أيامهم الأخيرة يسمون حراس الجيش ليلا بهذا الاسم ...

(٢) الغياثي ص ٢٨١.

(٣) الضوء اللامع ج ٨ ص ٢٩٢.

٩٢

استولى عليها في محرم سنة ٨١٤ ه‍ واستمر حاكما ببغداد ، وانقضت أيامه بهدوء وسكينة ، والناس على أحسن حال لمدة نحو عشر سنوات ... وفي تاريخ الغياثي «ثم إنه تخبط دماغه وفسد رأيه ، ويقال إنه أكثر من النساء ، وركن اليهن ، وصار لا يبالي بأمر المملكة وإدارتها ، لحد أنه أجاز العسكر وسيبه عنه ، وقال ليس لي حاجة به ، الشط والسور هما عسكري ، ولم يهتم بجباية الخراج بل تركه وأهمله مدة سبع سنوات ، فطمع في مملكته القوم من كل صوب. وآخر من قام عليه أخوه أسپان ، فاستولى على جميع الأنحاء وهو لاه ، وكذا أولاده في بغداد انهمكوا بالشرب وسائر الأهواء ، ثم أخرجه من بغداد وتمكن فيها ، فقتل بالوجه المشروح ، ولا يؤثر عنه عمل نافع للبلاد فذهب غير مأسوف عليه ... ودفن بشيخان.

وغالب أيامه قضاها ببغداد وهي ٢٢ سنة ونصف سنة. وكان له من الأولاد شاه علي ، وشاه رخ ، وشاه بوداق ، وشاه ولي ، وشاه ملك ، وقرمان وقمر الدين. ولم يحكم منهم أحد ...

أما شاه علي فإنه كان في المعسكر ، فلما سمع بذلك ، ولم تكن له طاقة المقاومة فقد جمع إخوته ، ونساءه ، ونساء أبيه ، ورجع إلى إربل ، وفيها ميرزا علي ، فقبض عليه ، وأخذ أخته خديجة سلطان. ثم بعد مدة انهزم شاه علي وجاء إلى الكرخيني فأخذها ومكث فيها ، فخرج أسپان من بغداد ، وسار عليه فانهزم وتوجه إلى تبريز إلى جهان شاه فقبض عليه وكحله (١) ...

وقال في المنهل الصافي : «ملك بغداد وما والاها بعد قتل شاه ولد ... واستمر شاه محمد هذا في مملكة بغداد سنين حتى خربت بغداد

__________________

(١) الغياثي ص ٢٧٣.

٩٣

وممالك العراق في أيامه ، فإنه كان فاسقا زنديقا لا يتدين بدين وأبطل بتلك الممالك شعائر الإسلام وقتل العلماء وكان سماطه في رمضان يمد في ضحوة النهار كما يمد في الإفطار على رؤوس الأشهاد والويل لمن كان لا يأكل منه.

وكان في ابتداء أمره ربي في مدينة أربد وصحب نصاراها فلقن منهم عقائد السوء والزندقة والميل إلى دين النصرانية ونشأ على ذلك خفية ووالده قرا يوسف لا يعرف بحاله فلما أقامه والده قرا يوسف في ملك بغداد ... أظهر العدل في الرعية والتدين والعفة عن القاذورات المحرمة عدة سنين إلى أن مات والده ... فاستفحل أمره بها وتغير عن ذلك كله وأظهر اعتقاده السيىء وتزندق وكفر وقتل العلماء وأبطل صلاة الجمعة والجماعة وصرح باعتقاده بدين النصارى وتعظيم المسيح على سائر خلق الله وكان يسأل العلماء أولا أيما أفضل الحي أو الميت فيقولون الرجل الحي أفضل فيقول ها عيسى حي ومحمد ميت ثم يأمر به في الحال ولا يسمع له بعد ذلك جوابا. وكان الغالب على دولته والحاكم فيها نصراني يعرف بعبد المسيح ولما فشا منه ذلك انفلّ عنه عسكره وبقي في بغداد طائفة قليلة فكثر عند ذلك قطاع الطريق في أعمال بغداد وما والاها حتى فسدت السابلة ورحلت الناس عن بغداد فوجا فوجا وانقطع ركب الحاج من بغداد سنين ونفرت القلوب إلى أن غلبه أخوه أصبهان بن قرا يوسف وأخرجه من بغداد وملكها من بعده ، وكان أصبهان أكفر من أخيه شاه محمد وأظلم. ولما خرج شاه محمد هذا من بغداد تشتت في البلاد إلى أن قتل شر قتلة في حصن يقال له شيكان (شيخان) من بلاد شاه رخ بن تيمور لنك في ذي الحجة سنة ٨٣٧ وذهبت روحه إلى سقر ... وأقيم بدله أمير زاده (علي) ابن أخي قرا يوسف في البلاد التي قتل بها وأراح الله الناس منه ، فإنه كان شر الملوك فأولاد قرا يوسف بأجمعهم هم أوحش خلق الله في أيامهم خربت ممالك العراق

٩٤

وأطراف العجم ودار السلام وهدمت تلك المساجد والمعاهد الجليلة فالله تعالى يلحق بهم من بقي من إخوتهم وأقاربهم فإنهم عار على بني آدم لما اجتمع فيهم من المساوىء والقبائح ولا أعلم في أولاد قرا يوسف صالحا. فأما شاه محمد صاحب الترجمة فكان نصرانيا. وأما أصبهان فكان زنديقا محلول العقيدة. وأما إسكندر فكان لا دين له ولا عقل وكان سفاكا للدماء مدمنا على الخمر والفسق. وأما باقيهم فأنجس وأتعس وقد أخذهم الله تعالى وقطع آثارهم ولم يبق منهم غير جهان شاه بن قرا يوسف والناس يترقبون منه كل شر. ا ه.

قال العيني :

«في سنة ٨٣٧ ه‍ توفي الأمير شاه محمد ... متولي بغداد مات مقتولا في ذي الحجة منها على حصن يقال له شنكان (شيخان) من بلاد شاه رخ ، وكان شر ملوك زمانه ، وأفسد الناس ، مبطلا للشرائع متعلما من النصارى ، وأقيم بدله أمير زاده علي بن أخي قرا يوسف ...» ا ه (١).

وهذه النصوص يدل تحاملها على كره الناس له في مختلف الأقطار ، والعراق كان لا يستطيع الحركة ، ولكن شنع عليه الخارج ، وأظهر مساويه ... فنقل المؤرخون عن نفس العراقيين وإن لم يصرحوا بأسماء من نقلوا عنه ، وفي الحوادث المماثلة هكذا فعلوا ...

حوادث سنة ٨٣٨ ه‍ ـ ١٤٣٤ م

البصرة ـ إبراهيم بن شاه رخ :

في شعبان هذه السنة أرسل إبراهيم بن شاه رخ عساكر إلى البصرة

__________________

(١) عقد الجمان.

٩٥

٩٦

فملكوها ... فوقع الاختلاف بينهم وبين أهليها ، فاقتتلوا في ليلة عيد الفطر ، فانهزم عسكر إبراهيم وقتل منه جماعة ، فخافوا ، فلم يلبث أن ورد خبر موته. وكان قد مات في رمضان ... وفي ابن حجر توفي في رمضان سنة ٨٣٩ ه‍ ، فسرّ أهل البصرة سرورا عظيما ، ووجد عليه أبوه وأهل شيراز ، وكان شابا جميلا من عظماء الملوك له فضيلة تامة ، وخط بديع ، يضرب المثل بحسنه بل قيل إنه يوازي خط ياقوت ، ملك البصرة ، وكان في شيراز وأعمالها ، فظهرت نجابته وتبين عدله فأضاف إليها ما والاها ، وحسنت سيرته في رعيته ... قال في الضوء اللامع : سمعت من يذكره بالجميل ، ويعد من الخطاطين المشهورين في إيران. والمنهل الصافي لا يختلف عن النصوص المارة.

وفيات

١ ـ السكاكيني :

هو محمد بن عبد الله بن عبد القادر ، الشيخ نجم الدين الواسطي السكاكيني. يقال إنه قرأ على العاقولي ، ومهر في القراءات ، والنظم والفقه ... وله شرح المنهاج للبيضاوي ونظم بقية القراءات تكملة للشاطبية ، وخمّس البردة ، وبانت سعاد. مات في مكة في ٢٦ ربيع الآخر (١).

وفي الضوء اللامع هو محمد بن عبد القادر السنجاري ... وذكر من شيوخه في بغداد فريد الدين عبد الخالق ابن الصدر محمد بن محمد بن زنكي الأسفرايني الشعيبي وقاضي قضاة العراق على الإطلاق الشهاب أحمد بن يونس بن إسماعيل بن عبد الملك التونسي المالكي ، وتبحر في القراءات ، فقرأ الشاطبية على أبي العباس أحمد التروجي

__________________

(١) الأنباء ج ٢.

٩٧

مدرس البرجانية (كذا والصحيح المرجانية) ببغداد ولما أغار أصحاب تيمور على العراق أخذت كتبه جميعها مع مقروءاته ومسموعاته وإجازاته ، ولم يبق له شيء من الكتب. حج سنة ٨٠٩ ه‍ وجاور بمكة ، ثم عاد إلى العراق وتصدى بها لإقراء القرآن ، ثم دخل دمشق قاصدا زيارة بيت المقدس سنة ٨١٥ ه‍ .. وصار يتردد إلى مكة ... ومات بها في ٢٥ ربيع الآخر سنة ٨٣٨ ه‍ (١) ...

٢ ـ الخواجه عبد القادر المراغي :

هو ابن المولى جمال الدين غيبي المراغي ، نال من المكانة والفضل ما لم ينله غيره ، وكان من ندماء السلطان حسين ابن السلطان أويس ، ثم السلطان أحمد الجلايري ، وهو من فحول الموسيقى ومشاهير أساتذتها ، وقد بلغ الغاية في القراءة وفي الشعر والخط ، كان في أوائل حاله ببغداد. أخذ الموسيقى عن والده ، ويعد من فحول رجالها ، وصاحب السلطان أحمد ، وكان يخاطبه السلطان ب (صديقي العزيز) ، ولما أن كتب للحكومة الجلايرية الزوال ، مال إلى ميران شاه ، فانتظم في عداد ندمائه ثم اعترى الأمير المذكور خلل في دماغه ... فأصدر تيمور أمرا بالقضاء على الندماء المذكورين ، فانتهز المترجم فرصة للهرب ، واكتسى كسوة القلندرية ... ثم توصل بصورة ... فقرأ للأمير تيمور لنك القرآن بصوت عال فانجذب إليه ... ومن ثم بسم له الدهر مرة أخرى ، فنال المنزلة اللائقة عنده ، وحصل على عفوه وتقريبه ... وبعد وفاة الأمير تيمور صار من ندماء شاه رخ وبقي في خدمته إلى سنة ٨٣٨ ه‍ فحدث في هذه السنة الطاعون فأصيب به ومات ...

وله مؤلفات عديدة :

__________________

(١) الضوء اللامع ج ٨ ص ٦٨.

٩٨

١ ـ شرح الأدوار. شرح به كتاب الأدوار لصفي الدين الأرموي. والشرح بالفارسية.

٢ ـ زبدة الأدوار. اختصر به كتاب الأدوار وشرحه وجعله كتابا مستقلا وهو فارسي أيضا.

٣ ـ جامع الألحان. فارسي قدمه إلى شاه رخ.

٤ ـ الموسيقى. كتبه قبل أن يقدمه إلى شاه رخ. رأيت مسودته.

وسنتعرض لوصف هذه المؤلفات في التاريخ العلمي والأدبي ... والمترجم يعد من أكابر الموسيقارين وقفت الموسيقى عند هذا النابغة وصار من جاء بعده عالة عليه ... وله الأثر الكبير في نقل الموسيقى العربية إلى اللغة الفارسية وعين مكانة الموسيقى المغولية والتركية من الموسيقى العربية ... (١) وفي الضوء اللامع ذكر أنه أستاذ في الموسيقى ، كان من ندماء شاه رخ ...

وجاء في الغياثي أن الأمير تيمور ، أصبح بغداد يوم السبت ٢١ شوال سنة ٧٩٥ ه‍ ... وانهزم السلطان أحمد ... ثم بعد ذلك طلب من الأهلين (مال الأمان) وهو الضريبة الحربية التي فرضها على الأهلين ، وأخذ كل من كان من أرباب الفضل والصنائع الدقيقة مثل الخواجه عبد القادر وغيره ، وأرسلهم إلى سمرقند (٢) ...

هذا. وقد أفردت له ترجمة موسعة في (تاريخ الموسيقى العراقية في عهد المغول والتركمان) ، ووصفت مؤلفاته ...

__________________

(١) حبيب السير ج ٣ ص ٢١٢ ونفس آثاره.

(٢) تاريخ الغياثي ص ٢٣٢.

٩٩

حوادث سنة ٨٣٩ ه‍ ـ ١٤٣٥ م

إربل والموصل :

من حين علم الأمير أسپان بقتلة شاه محمد وذهاب ابنه علي شاه إلى إربل سار إليها ، فلما سمع حاكمها ميرزا علي نهب البلد وخربه ، وأصعد بعض الناس بأموالهم إلى القلعة ، وتحصن بها ...

ومن ثم وصل الأمير أسپان ورأى البلد قد تخرب (هو القسم الأسفل) ، فاشتغل بحصار القلعة ... وجرت بينه وبين ميرزا علي وأهل القلعة حروب كثيرة ، فلم ينل مأربا ، فاتخذ بعد خمسة أشهر أو ستة من حصاره طريقه إلقاء السم في الآبار دون أن يشعر أحد. فأضروا بالأهلين كثيرا إلا أنه لم يتيسر لهم إلقاء السم في بئر ميرزا علي ، وكان يظن أن الموت قد وقع بسبب طول الحصار ، فأعطاه الأمير أسپان الأمان ، وحلف له أنه لا يقتله ، فنزل إليه هو وأولاده ، وتزوج بنته بلقيس باشا ، وجعل في إربل أميرا ، ورحل منها إلى الموصل ، وكان قد أمر أن يدس السم إلى تشمال زينل حاكم الموصل ليقضي عليه فتم له الأمر ، واستولى على الموصل ، ونصب فيها عيسى بك حاكما ، ثم عاد إلى بغداد وميرزا علي معه ... (١) وهو ابن أخي قرا يوسف كما جاء في العيني ...

الوزير والمشعوذ ـ جزيرة عبادة :

بينما كان الأمير أسپان محاصرا بلدة إربل أنفذ وزيره الخواجه پير أحمد إلى جزيرة عبادة لاستيفاء أموالها ، فلما وصل إليها جاءه رجل زعم أنه من نسل سلاطين استراباد يدعى نظام الدين أسد الله الحسيني ، وكان يتظاهر بأمور تخالف الشرع ، منكرا الواجبات الدينية ، فأحضره الخواجة پير أحمد إلى الأمير أسپان فطلب منه أن يعلمه الأكسير حتى

__________________

(١) الغياثي ص ٢٨٣.

١٠٠